اطروحة تقدم بها الطالب فراس عبد الجبار الربيعي الى مجلس كلية التربية للعلوم الانسانية جامعة ديالى كجزء من متطلبات الحصول على شهادة دكتوراة في فلسفة الجغرافية البشرية 2017
الامن الوطني مصطلح يشير الى الوسائل والاساليب التي تتبعها الدولة لغرض تامين الحماية الكاملة للبلد داخليا وخارجيا وهي تتدرج من الامن الشخصي للمواطن الى امن البلد كليا وهو من المفاهيم التي تطورت كثيرا في القرن العشرين بعد التطورات المتلاحقة التي حصلت في العالم فانتقل من مفهوم الامن التقليدي الذي يقتصر على الجانب العسكري الى مفهوم الامن المعاصرالذي يضم عناصر عديدة منها (الامن الغذائي والامن الاجتماعي والامن الاقتصادي والامن البيئي والامن الانساني اضافة الى الامن العسكري) وفرض الامن البيئي نفسه كرقم صعب في معادلة الامن الوطني المعاصر فلايمكن لاي صانع قرار ان يفكر في تحقيق الامن الوطني دون الاخذ بنظر الاعتبار الجانب البيئي كونها اي البيئة اساس لبناء العناصر الاخرى.
وقد انتبه العالم بعد النصف الثاني من القرن العشرين الى قضية التلوث البيئي ومخاطرها الجمة وانها ليست مسالة محلية بل قضية عالمية عابرة للحدود وبدأت الجهود تنصب للتعاون من اجل الحد من مخاطره فكانت الاتفاقيات البيئية الدولية المتعددة الاطراف احدى اشكال التعاون الدولي في مجال مكافحة التلوث البيئي وهي سلسة من الاتفاقيات التي عقدت برعاية الامم المتحدة منذ عام 1972 لمكافحة التلوث البيئي بكافة اشكاله .
والعراق من الدول التي سارت على منهج الامن الوطني التقليدي منذ تاسيس المملكة العراقية سنة 1920 وهو بحاجة ماسة الى تحديث منظومته الامنية، وقد عالج موضوع الاطروحة قضية مهمة وهي قضية الاتفاقيات البيئية الدولية المتعددة الاطراف باعتبارها جزئية مهمة في تحقيق الامن البيئي الذي هو جزء من الامن الوطني بشكل عام ،حيث ان الاتفاقيات المذكورة تعتبر احدى الحلول التي يمكن ان تعالج التحديات البيئية التي يعاني منها العراق من خلال تقديمها حلولا فنية تشمل أعادة بناء القدرات الفنية للكوادر والمؤسسات العراقية كما انها يمكن ان تقدم غطاءا قانونيا للبيئة العراقية من حيث تطوير القانون المحلي والحماية القانونية الدولية للبيئة العراقية وتعزيز الموقف السياسي العراقي على الصعيد الدولي لقد انطوت الاطروحة على اربعة فصول ضم كل فصل ثناياه ثلاثة مباحث تضمن الفصل الاول الاطار النظري والمفاهيمي للبحث فيما تناول المبحث الثاني الابعاد السياسية للاتفاقيات الدولية من حيث علاقة الاتفاقيات الدولية بشكل عام بالجغرافية السياسية ومفهوم الاتفاقيات البيئية الدولية المتعددة الاطراف والموقف الدولي والعراقي من الاتفاقيات المذكورة فيما تضمن الفصل الثاني التحديات البيئية التي يعاني منه العراق وهي تنقسم الى تحديات بشرية وتحديات طبيعية ومبحثا ثالثا يتضمن علاقة البيئة بمفهوم الامن الوطني المعاصر تطرق الباحث فيه الى الامن الوطني العراقي وكيف يتم الانتقال من المفهوم التقليدي الى المفهوم المعاصر اما الفصل الرابع فقد تضمن كيفية استثمار الاتفاقيات البيئية في تعزيز الامن الوطني العراقي واشار الباحث الى ان الاتفاقيات لها فوائد عامة وفوائد خاصة يمكن للعراق ان يجني منها اربعة نقاط اساسية تساهم في تعزيز امنه الوطني وهي
1-بناء القدرات وهو مصطلح حديث اطلقته المنظمة الدولية للبيئة اليونيب يتضمن بناء تعزيز القدرات على مستوى الافراد والمؤسسات والانظمة لغرض تحسين العمل في مجال البيئة والعراق احوج مايكون الى اعادة بناء قدراته وتطويرها في المستويات الثلاثة خصوصا بعد سنوات العزلة خلال العقوبات الدولية – 1991 – 2003 من اجل مواكبة التطور العلمي والفني الحاصل على مستوى العالم .
2-الانتقال الى التنمية المستدامة والاقتصاد الاخضر وهما مصطلحان في غاية الاهمية من الناحية البيئية والاجتماعية والاقتصادية اشارت اليهما الاتفاقيات البيئية والمنظمة الدولية للبيئة في اكثر من مكان وتاتي اهميتهما في كونهما مفهومان ذا تاثير كبير في النواحي الثلاثة المذكورة اذ ان التنمية المستدامة هي منظومة تخطيط مستقبلي للحفاظ على رصيد الاجيال القادمة اما الاقتصاد الاخضر فيساهم في اعادة بناء المنظومة الزراعية المتهالكة والتخلص من الاقتصاد الريعي الاحادي الجانب المعتمد على النفط خصوصا ان ازمة الاسعار الاخيرة من عام 2014 اثبتت ان العراق بحاجة الى اعادة هيكلة القطاع الاقتصادي العراقي من خلال تنشيط القطاعات الاقتصادية الاخرى .
الحماية القانونية حيث اصبح القانون البيئي فرعا من فروع القانون الدولي ومصدر اساسي من المصادر التي يستند اليها قانون محكمة العدل الدولية وعليه فان العراق يجب ان ينظر اليه بجدية من خلال ثلاث جوانب اساسية وهي :
أ- تطوير القانون المحلي حيث يشير فقهاء القانون الدولي ان القانون الدولي ليس ملزما للقانون المحلي ولكن يجب ان يكون القانون المحلي متطابقا مع القانون الدولي لتكون الدولة في حالة وئام مع المجتمع الدولي والملاحظ ان العراق على الرغم من انه قد شرع باصدار القوانين البيئية في وقت مبكر الا ان هذه القوانين اصبحت قديمة ولم يحصل عليها اي تحديث من جانب الغرامات الجزائية والامور المعاصرة في البيئة فهي تركز على الاضرار التي يحدثها الافراد في البيئة المحلية ولم يصدر قانون جديد يعالج المشكلات المعاصرة مثل انبعاثات الكاربون والمواد المضرة بالاوزون لا على مستوى الافراد ولا على مستوى المنشات الصناعية .
ب- الحماية القانونية الدولية ومن هذا الجانب فالعراق احوج مايكون الى الحماية الدولية كونه يعاني من قضية تردي نوعية المياه القادمة من تركيا وايران وقضية اضرار الحروب المتتالية وفي حالة كون العراق عضو فعال في الاتفاقيات البيئية فانه يمكنه اللجوء الى الوسائل القانونية لدى محكمة العدل الدولية لتحصيل حقوقه في هذه المجالات .
ج- تجنب العقوبات الدولية اذ ان كثيرا مايؤدي الجهل بالقانون الى ارتكاب افعال غير صحيحية تؤدي الى عقوبات جزائية تنعكس على الدولة .
الجانب السياسي حيث ان الاتفاقيات الدولية تعزز المكانة السياسية للدولة وتظهرها بالمظهر اللائق والعراق من الدول التي تحتاج الى العودة للمجتمع الدولي بقوة لاغراض عديدة منها :
ا- تحسين صورة العراق في المجتمع الدولي .
ب- معالجة الملفات العالقة مثل البند السابع والديون المتراكمة .
ج – زيادة التمثيل العراقي في المنظمات الدولية .
د فتح حوارات سياسية مع الدول الصديقة للبيئة واستغلال ورقة البيئة كورقة سياسية كما فعلت روسيا ازاء موقفها من قضية كيوتو .