الاستاذ الدكتور فراس عبد الجبار الربيعي
ظهر مصطلح الايكولوجيا السياسية لاول مرة على يد العالم فرانك ثون عام 1935[1]وعلى
الرغم من تداول المصطلح بشكل واسع في
الجغرافية البشرية والبيئة بعد هذا التاريخ لكنه ظل بدون تعريف منهجي وقد شهدت
بداية السبعينات من القرن الماضي نفض الغبار عن هذا المصطلح من قبل العالم بيتر وولكر في مقاله المعنون (البيئة السياسية
والملكية )[2]
فيما يعتبر بيرس بلايكي اول من وضع تعريفا
للايكلوجيا السياسية سنة 1980 حيث عرفها (على انها العلم الذي درس العلاقة
بين السياسة والاقتصاد والعوامل الاجتماعية وقضايا البيئة وتغييراتها ),وهي تختلف عن
دراسات البيئة في كونها تدرس البيئة في قالب سياسي .
وقد وردت عدة
تعريفات للايكلوجيا السياسية بعد ذلك حيث تم تعريفها على انها (العلم الذي يدرس العلاقة بين السياسة
بمفهومها الواسع من جهة البيئة والظواهر الايكولوجية من جهة اخرى عن طريق تحليل
العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية وبقية الفواعل المؤثرة على البيئة بشكل
عام)[3]
وفي تعريف اخر (انها ميدان معرفي يسمح للباحثين فهم
التفاعلات المعقدة بين المجتمع والبيئة ضمن حقل الجغرافية ويسلط الضوء على العوامل
والفواعل والهيئات والمؤسسات والدوافع التي تلعب دورا مهما في الاهتمامات البيئية
المعاصرة على المستويات المكانية المحلية والوطنية والعالمية)[4]
.
وفي الحقيقة ان الايكولوجيا السياسية
نشات كفرع من من البيئة
الثقافية ودراسات التنمية التقليدية خصوصا مساهمات ماكليود بلايكي التي تركزت حول الاصول الاجتماعية والسياسية
لتعرية التربة كما ركزت كتابات البيئة السياسية في ذلك الوقت على الاضرار التي
تصيب العالم النامي من جراء التلوث وتعتمد على مجموعة من التخصصات الاكاديمية مثل
الجغرافيا والسكان والتنمية والعلوم السياسية والاقتصاد والاجتماع والغابات وتاريخ
البيئة .
ان الايكلوجيا السياسية تختلف عن
دراسات البيئة في كونها تضع قضايا البيئة في اطار سياسي كونها تهدف الى جملة نقاط
رئيسية ومنها :
1- السعي الى البحث في مشاكل البيئة
وتعقيداتها ووضعها في الصورة امام صانعي القرار والسياسات والمؤسسات المختصة من
اجل السعي الى ادارة بيئية جيدة.
2- فهم ودراسة سلوكيات المجتمعات على
البيئة وقوانينها المحلية والنشاطات الاقتصادية الضاغطة على البيئة.
3 النظر
في كيفية تأثير العلاقات غير المتكافئة بين المجتمعات بشكل عام وداخل المجتمعات بشكل خاص على البيئة الطبيعية، وخاصة في سياق
سياسة الحكومات.
اما من ناحية
المعالجات فهي تعالج ثلاث مشاكل مهمة :
1-محدودية
الموارد وتوزيعها غير المتكافئ ؛ العلاقة بين التصنيع والضغوط على البيئة ؛
وأخيراً التلوث والنفايات.
2-التطور
الصناعي والنمو الاقتصادي ومايسببه من ضغط على البيئة.
3- التلوث
الذي يجعل من البيئة غير صالحة للعيش في الارض والماء والهواء .
والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا انحازت الايكولوجيا البيئة الى الجغرافيا السياسية وليس الى العلوم السياسية او غيرها والجواب على هذه السؤال ينطلق من ان البيئة تستند على بعد مكاني لايمكن تفسيره الا من خلال الجغرافيا كما ان التصدي لمخاطر التلوث البيئي تحتاج تغيير انماط الاقتصاد واساليب الحياة مما يتطلب اتخاذ قرار سياسي يستند الى عوامل جغرافية فضلا عن ظهور مصطلحات رافقت عملية التدهور البيئي لايمكن للباحثين في الجغرافية السياسية تجاوزها مثل اللجوء البيئي والندرة البيئية والامن البيئي الذي يعتبر احد عناصر الامن الوطني المعاصر .
وازاء هذا التداخل بين قضايا السياسة والبيئة
والاقتصاد فقد برز دور الايكولوجيا السياسية كونها تجمع بين الابعاد الثلاثة وهي
عناصر لاتجتمع في علم البيئة ولا علم الاقتصاد ولاعلم السياسة لكن يملكها المختص
بالجغرافية السياسية كونه
يملك الخلفية البيئية التي تكونت لديه
بحكم اختصاصه العام وخصوصا امكانياته في رسم خرائط التباين المكاني للتلوث
واستغلال التقنيات الحديثة كالاستشعار عن بعد ونظم المعلومات الجغرافية التي
تمكنه من بناء قاعدة بيانات جغرافية لاتتوفر لغيره والخلفية السياسية بحكم اختصاصه
الدقيق وهكذا ولد فرع جديد في الجغرافية السياسية .
[1] -International
Journal of Research and Scientific Innovation (IJRSI) |Volume III, Issue IX,
September 2016|ISSN
2321–2705p102
[2] - http://environment-ecology.com/political-ecology
[3] -International Journal of Research and
Scientific Innovation (IJRSI) |Volume III, Issue IX, September 2016|ISSN 2321–2705p102 -[3]
[4] -عباس غالي الحديثي،ابراهيم
قاسم البالاني ،جيوبلتيك البيئة مدخل نقدي ،الطبعة الاولى ،شهريار ،البصرة
،2021،ص،ص16.