أخبار الإنترنت
recent

معركة جوتلاند البحرية

 



الأستاذ الدكتور فراس عبد الجبار الربيعي

جامعة ديالى/كلية التربية للعلوم الإنسانية /قسم الجغرافية

 وقعت معركة جوتلاند في 31 أيار 1916 بين القوة البحرية البريطانية المتمرسة وذات الخبرة الواسعة والقوة البحرية الالمانية الناشئة والطامحة بالسيطرة على البحر وهي المعركة البحرية الكبرى الوحيدة التي وقعت اثناء الحرب العالمية الأولى  .

          وتعود بدايات هذه المعركة الى رغبة و طموحات الامبراطور غليوم الثاني امبراطور المانيا وملك بروسيا للمدة 1888-1918 في بناء قوة بحرية المانية اذ صرح برغبته تلك بقوله (ان مستقبل بلادنا سيكون على سطح البحر )وايعازه الى وزير الحربية الألماني آنذاك تربيلتز في بناء اسطول تجاري وحربي قوي وهذا الموضوع اثار حفيظة بريطانيا وقلقها مما دفعها الى نسيان كل خلافاتها مع فرنسا في ذلك الوقت والتحالف معها كونها أي بريطانيا لم تكن ترغب في ان يشاركها احد في السيطرة على البحر وخصوصا طريق الهند فكان الاسطول الإنكليزي يلاحق السفن الألمانية ويغرقها فيضطر الالمان الى الانزواء في المرافئ بحماية الألغام تجنبا لاي مواجهة ويعتمدون على مباغتة السفن الإنكليزية بين فترة وأخرى ولكن الالمان سرعان ما استاءوا من الحصار البحري الإنكليزي فقرروا الدخول في معركة بحرية مع الاسطول الإنكليزي وذلك في عام 1916 أي في خضم الحرب العالمية الأولى وكانت الخطة الألمانية تقضي في استدراج السفن الإنكليزية وضربها فبدأ التحرك الألماني باتجاه شؤاطى النرويج  من اجل التعرض للطرادات الإنكليزية المبحرة هناك  ثم عمل انسحاب تكتيكي  نحو الجنوب  حيث تكون هناك قوة بحرية المانية بالانتظار في مضيق ساكجيراك  لتدمير السفن الإنكليزية الا ان الاستخبارات البحرية البريطانية قد لاحظت التحرك الألماني مما دعا الاميرال جيلكو قائد البحرية الأنكليزية في ذلك الوقت الى الاستعداد التام فبدأت المعركة وانسحب الاسطول الألماني الى مضيق سكاجيراك لكنه تفاجا بقوة إنكليزية كبيرة بكامل العدد والعدة ودارت رحى معركة بحرية شرسة لم تكن المسافة بين السفن فيها تتجاوز سبعة اميال وفي الوقت الذي برع فيه الالمان وتفوقوا بنيران المدفعية الا ان خبرة الإنكليز وحنكتهم كانت واضحة مما اضطر الاسطول الألماني الى الانسحاب بعد ان خسر ثلاثة طرادات صغيرة واخر كبير فضلا عن بارجة كبيرة  وخمس نسافات و2551قتيل اما بريطانيا  فخسرت ثلاثة طرادات كبيرة وثلاثة طرادات صغيرة وست نسافات و6094قتيل فقرر قائد الاسطول الالماني فون عدم خوض أي معركة ثانية ضد الاسطول الإنكليزي ولم يعد الاسطول البحري الالماني يبحر بل اكتفى بالرسو في المؤانئ والتحول الى حرب الغواصات وسيطرت إنكلترا على البحار مع حلفيتها فرنسا .

ان اهم النقاط الستراتيجية التي يمكن استنتاجها من هذه المعركة والتي أدت الى خسارة الالمان وانزواء اسطولهم البحري هي ان الالمان قد استعجلوا في المواجهة وهذا مايمكن ان نسميه (التسرع في بناء القوة) كون القوة تحتاج الى عمل طويل ودراسة مستفيضة قبل الإفصاح عنها والدخول في مواجهات حربية مصيرية اذ ان الاسطول الألماني كان ناشئا وذو خبرة قليلة عكس الاسطول البريطاني الذي كان يتمتع بخبرة واسعة ومساندة استخبارية جيدة والدليل على ذلك ان خسائر البريطانيين كانت اكثر من خسائر الالمان لكن اسطولهم كان كبيرا ولديه القدرة على المطاولة والحصول على امدادات  اما من الناحية الجغرافية فان السواحل البريطانية أطول من السواحل الألمانية حيث تطل بريطانيا على المحيط الأطلسي وبحر الشمال ومفتوحة على المياه المنجمدة مما منحهم حرية التحرك والمناورة واكتساب الخبرات البحرية عبر التاريخ  عكس المانيا التي تطل على بحر الشمال والبحر البلطي ولم تفكر في أهمية البحر الا في نهايات القرن التاسع عشر .

وفي النهاية كان ثمن المغامرة البحرية الألمانية  تسليم قطع الاسطول البحري ومنع المانيا من بناء اسطول بحري حربي والاكتفاء باسطول صغير لحراسة الشؤاطئ. بموجب معاهدة فرساي .

اطبع هذه الصفحة
الاستاذ الدكتور فراس عبد الجبار الربيعي

الاستاذ الدكتور فراس عبد الجبار الربيعي

يتم التشغيل بواسطة Blogger.