الاستاذ الدكتور فراس عبد الجبار الربيعي
صدر تقرير مستقبلنا المشترك سنة 1987 من قبل
لجنة بروتلاند(وهي لجنة تشكلت سنة 1983 برئاسة غروهارلم بروتلاند رئيسة وزرا
النرويج في وقتهاوكانت الغاية من تشكيل اللجنة متابعة قضايا البيئة ومشاكلها وحشد
الجهود الدولية من اجل العمل البيئي المشترك) وعلى الرغم من مرور مايقارب من 35
سنة على صدوره الا انه مازال مرجعا لقضايا البيئة المعاصرة كونه تطرق الى قضايا
مهمة سنتطرق اليها في هذه القراءة البسيطة وهي:
اولا/ طرح اتجاه
جديد في التنمية اذ يرى التقرير ان التنمية التقليدية لم تعد
حلا جيد للبشرية بل انها ستؤدي الى زيادة الفقر وتدهور البيئة وعليه تم طرح مصطلح
التنمية المستدامة كبديل للتنمية التقليدية وعرف التقرير التنمية المستدامة على
انه (ضمان استجابة التنمية لحاجات الحاضر من دون المساومة على قدرة الاجيال
المقبلة في الوفاء بحاجاتها).
ثانيا /اللجوء
البيئي ان الضرر البيئي لايقتصر على منطقة واحدة بل انه ينتشر كالنار في الهشيم
فتدهور منطقة وانتقال السكان الى منطقة اخرى سيؤدي الى حراك سكاني للبحث عن مناطق
جديدة وبالتالي زيادة الضغط على المناطق الجديدة .
ثالثا/ ان الاضطراب البيئي سيكون سببا للتوتر السياسي
والتوتر الدولي في امريكا اللاتينية واسيا والشرق الاوسط وافريقيا.
رابعا/ ان الانفاق في المجالات العسكرية قد وصل الى
ارقام طائلة تصل الى ترليون دولار سنويا وهي بكل حال من الاحوال يتم استقطاعها من مبالغ
التنمية الوطنية وفي الوقت نفسه فان التقرير يؤكد على عواقب الشتاء النووي وهو
انخفاض في درجات الحرارة سيعقب الحرب الذرية ويمكن ان يدمر انظمة البيئة الحيوانية
والنباتية .
خامسا /تفاقم
مخاطر التغيير المناخي حيث اشار التقرير الى وجود مؤشرات تدل على تراكم ثاني
اوكسيد الكاربون في الجو ناتج من احراق الوقود المستخرج من الحفريات وبدرجة اقل
فقدان الغطاء النباتي والنمو المدني – الصناعي اذ ان المؤشرات تدل على ان تركيز
هذا الغاز قبل الثورة الصناعية كان يبلغ زهاء 280 جزء من ثاني اوكسيد الكاربون لكل مليون
جزء من الهواء الا انه بلغ 349 جزءا في عام 1980ومن المتوقع ان يتضاعف الى 560 جزء
في الفترة الواقعة بين منتصف القرن القادم ونهايته .(القرن الواحد والعشرين) وينتج عن هذا
التراكم ظاهرة البيت الزجاجي حيث تقوم الغازات بحبس الاشعاع الشمسي قرب سطح الارض
مما يؤدي الى تسخين الكرة الارضية وتغير المناخ.
وقد اكد مؤتمر فيلاخ المنعقد في النمسا في
تشرين الاول سنة 1985 برعاية مشتركة من المنظمة الدولية للانواء الجوية وبرنامج
البيئة التابع للامم المتحدة والمجلس الدولي للاتحادات العلمية ان التغيير المناخي
وارد جدا وان استمرار ارتفاع تركيز
الكاربون في الجو سيضاعف مستويات ثاني اوكسيد الكاربون التي كانت في الجو قبل
الثورة الصناعية ومن المتوقع ان يزيد معدل حرارة الارض بمعدل 1.5الى 4.5 درجة
مئوية مما سيؤدي الى ارتفاع مستوى سطح البحر بمقدار 25 الى 140 سم وبالتالي فانه
سيغمر المدن الساحلية والمناطق الزراعية المنخفضة كما انه سيغير المرتفعات والمنخفضات
الجوية مما سيؤدي الى تغير انظمة هطول المطر .
اعتقد الخبراء في تقرير مستقبلنا المشترك ان
الوقت قد فات بخصوص التفاوض بشان التغييرات المناخية وعليه يجب الشروع في عملية
اتخاذ الاجراء المطلوب :
وتم التاكيد على
ضرورة الاتفاق على ستراتيجية تتضمن :
1-زيادة الابحاث
من اجل توسيع المعرفة باصول الظواهر والياتها واثارها.
2-تطوير سياسات
يتفق عليها دوليا لتقليل الغازات المسببة .
3-اعتماد
استراتيجيات لازمة لتقليل الاضرار الى الحدود الدنيا ومعالجة التغييرات المناخية
وارتفاع مستوى سطح البحر .
واوضح التقرير ان
غازات اخرى غير ثاني اوكسيد الكاربون مسؤولة عن زهاء ثلث التسخين الشامل الحالي
وانها ستكون مسؤولة عن ثلث التسخين بحلول عام 2030وبعض من هذه الغازات وخاصة
الكلورفلوركربونات (تستخدم في اوعية الرش ومواد كيماوية في التبريد وفي صناعة
البلاستك ) يمكن السيطرة عليها بسهولة اكبر من السيطرة على ثاني اوكسيد الكاربون. سادسا /ثقب الاوزون
يتضرر ثقب
الاوزون نتيجة غازات تنطلق خلال انتاج رغوة الاطفاء(المستخدمة في مكافحة
الحرائق)واستخدام مواد التبريد في المبردات ومكيفات الهواء والرذاذات (المستخدمة
في تصفيف الشعر ومزيلات الروائح وغيرها )والفقدان الكبير للاوزون يمكن ان يسبب
كوارث تهدد حياة الناس والمواشي وبعض اشكال الحياة المكونة لاساس دورة حياة
الاغذية البحرية ويظهر اكتشاف ثقب الاوزون فوق منطقة القطب الجنوبي عام 1986احتمال
اضمحلال الاوزون باسرع مما كان متصورا من قبل.