أخبار الإنترنت
recent

الابعاد الجيوسياسية للزلازل تركيا وسوريا أنموذجا



 



الابعاد الجيوسياسية للزلازل تركيا وسوريا أنموذجا

الأستاذ الدكتور فراس عبد الجبار الربيعي

      تنظر الجغرافية السياسية الى الكوارث الطبيعية على انها مخاطر تساهم في اضعاف قوة الدولة وربما تكون اشد فتكا من المواجهات العسكرية كونها تحدث بشكل مفاجئ(ارادة الهية) خارج ستراتيجيات الدولة المرسومة واكبر من الامكانيات المتوفرة خصوصا اذا كانت الدولة ذات تخطيط ضعيف وتكون الحلول البشرية محدودة فيها تقتصر على انقاذ مايمكن انقاذه وتلافي تطورالاحداث ومن وجهة نظر الجغرافية السياسية فان هناك عدة عوامل تترتب على مثل هذه الكوارث ومنها :

  1- حدوث خسائر بشرية تتمثل بالوفيات وحالات العوق فضلا عن خسائرمادية في البنى التحتية وهذه الحالتين بالمجمل تحتاج الى انفاق حكومي كبير ينعكس على ميزانية الدولة .

2- نشاط احزاب المعارضة في الدعاية المضادة للحكومة فضلا عن احتمالية نقمة شعبية تنتقد الاداء الحكومي في معالجة الازمةمما يسبب حالة من عدم الاستقرار الداخلي .

3- نزوح السكان الى مناطق اكثر امنا مما يسبب اخلاء مناطق وتركها مهجورة والضغط على مناطق اخرى من ناحية البيئة والخدمات .

4-استنفار جهد الدولة بالكامل مما يساهم في تعطيل اعمال اخرى كانت تنجزها هذه الكوادر ضمن الروتين اليومي والخطط الاعتيادية.

5- قد تضطر الدولة الى طلب المساعدة الخارجية مما يعني تبعيتها السياسية والاقتصادية للخارج .

       وقد  استفاقت  كلا من تركيا وسوريا في فجر السادس من شهر شباط لعام 2023م على زلزال بقوة 7.3 درجة على مقياس ريختر(يتكون من 9 درجات) شمل كلا من جنوب تركيا وشمال سوريا اعقبه زلزال ثاني بقوة 7.6درجة على نفس المقياس فضلا عن 3170هزة ارتدادية كانت نتيجتها تضرر 10 محافظات تركية نتج عنها 35505حالة وفاة و13208 اصابة ونزوح 150 الف مواطن  وانهيار 19 الف مبنى بالكامل وتضرر 21127مبنى بشكل كبير  استنفرت تركيا على اثرها 250 الف عامل اضافة الى 12235  الية و76 طائرة و121 مروحية و26 سفينة و45طائرة مسيرة وتم رفع الانذار الى المستوى الرابع (طلب المساعدة الدولية ) لبت حوالي 100 دولة النداء فدخل الى تركيا حوالي 11 الف عامل انقاذ ومساعدات من 60 دولة .



اما بالنسبة لسوريا فقد شملت الزلازل 4 محافظات يسكن فيها مايقارب من 10 مليون مواطن وهي المناطق نفسها التي شهدت رحى الحرب الاهلية عام  2011وقد قدرت الاضرار التي سببها الزلزال بنحو5.1مليار دولار اي مايعادل 10 %من الناتج المحلي الاجمالي للبلاد وتشمل اربعة محافظات يقيم فيها 10 ملايين شخص [1]، وكانت الهزة الارضية الاولى بمقدار 6.4درجة على مقياس ريختر شملت مدينة ادلب وريفها ومناطق شران وجندريس بريف حلب[2] واشارت التقارير الى وفاة 2274شخص شمال غرب سوريا و1414 في حلب وحماة واللاذقية وان هناك مايقرب من 4 ملايين شخص تضرروا في حلب وحماة واللاذقية وطرطوس وإدلب[3] .

وقد سارعت الحكومة السورية الى استثمار هذه الازمة لتخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا اذ اعلنت منظمة الصحة العالمية عن استفادتها من فترة تعليق العقوبات اثناء الزلازل لتمرير بعض المساعدات الانسانية[4] ,واعفى الاتحاد الاوربي المنظمات الانسانية من شرط الحصول على اذن مسبق للدخول الى سوريا  فضلا عن اتباع البنك المركزي السوري سياسة مرنة تجاه تدفق العملات الى السوق ودخول المساعدات الاقتصادية سواء من الدول والمنظمات او من المواطنين السوريين المقيمين في الخارج مما ادى الى تحسن سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الامريكي  تحسنا طفيفا ومؤقتا اذ انخفض سعر صرف الدولار الامريكي امام الليرة السورية من 7250 ليرة للدولار الواحد يوم 6 شباط الى 6755 ليرة للدولار الواحد في يوم 14 شباط الا ان هذا لايعني ان سوريا لم تتضرر من هذه الكارثة خصوصا انها مازالت من منهكة من اثار الحرب الداخلية اقتصاديا وسياسيا ومعنويا اما في تركيا فبغض النظر عن كل التبعات التي ذكرت سابقا  فان احزاب المعارضة التركية بدات بتحضير اجنداتها السياسية لانتقاد اداء الحكومة الحكومة التركية والايقاع بها في الانتخابات المقبلة فضلا عن المخاطر التي تحيط بالسدود التركية التي صرفت عليها مبالغ طائلة وتطلبت سنوات طويلة لاملائها بالمياه وقرب مراكز الهزات من انابيب النفط والغاز في تركياوعلى العموم فانه في حالة تفاقم الوضع لاسامح الله واعلان المناطق المتضررة مناطق منكوبة فان ذلك سيسمح بالمزيد من التدخل والضغوطات الدولية .


 

اطبع هذه الصفحة
الاستاذ الدكتور فراس عبد الجبار الربيعي

الاستاذ الدكتور فراس عبد الجبار الربيعي

يتم التشغيل بواسطة Blogger.