ظاهرة التجنيس
ا.د فراس عبد الجبار الربيعي الباحث ليث يوسف محمد
حينما يولد الانسان
يباشر ذويه باستخراج اوراقه الرسمية التي تثبت شخصيته ووجودة ومواطنته حيث يتم
استخراج البطاقة الشخصية (هوية الاحوال
المدنية ) المشرعة وفق قانون الاحوال الشخصية (الذي ينظم تعليمات منح الجنسية
وشروطها) عن طريق دائرة الاحوال المدنية التابعة لوزارة الداخلية وهو مايضمن الحصول
على المواطنة الكاملة من ناحية الحقوق والواجبات .
ومع تعقد الحياة من النواحي الاقتصادية
والاجتماعية والسياسية فقد برزت حالات يضطر فيها المواطنين الى مغادرة بلدهم الاصلي
باشكال مختلفة مثل السفر الطبيعي لغرض السياحة او العلاج او لغرض العمل وهي حالات وقتية محددة بمدة معينة
معلومة او الهجرة التي تعني مغادرة شخص دولته الاصلية الى دولة اخرى بنية الاقامة والاستيطان فيها
بصفة دائمية وفي هذه الحالة فانه يحصل على ترخيص اقامة الذي يعني اذن رسمي من
الدولة المضيفة على بقاء الشخص على اراضيها لفترة معينة وعليه بعد انتهاء مدة
الترخيص المغادرة او التجديد وهذه الحالات تحصل في فترات الدراسة او العمل او
اللجوء السياسي (اي ان يطلب شخص من دولة معينة الحماية لاسباب سياسية)([1])
والحالات المذكورة لاتعني حصول الشخص على المواطنة الكاملة بل يبقى بنظر السلطات
مواطنا اجنبيا الا ان يحصل على جنسية الدولة وفق الشروط الخاصة بتجنيس الاجانب في
قانون الاحوال الشخصية وهو مايسمى بالتجنيس (Naturalization)أي حصول شخص او مجموعة اشخاص على جنسية بلد أخر غير
جنسية بلدهم الاصلي بعد تقديمهم طلبا الى البلد المعني وهي مرحلة اعلى من الهجرة· كون
ان المجنس يحصل على كافة حقوق المواطنة ومنها جواز السفر اما المهاجر فيحصل على
اقامة فقط وفي الواقع فان التجنيس هو عملية دمج للمهاجرين في المجتمع.
وقد صدر اول قانون تجنيس عام 1790م في
الولايات المتحدة الامريكية حيث تم السماح للمواطنين الاجانب بالحصول على الجنسية
الامريكية اعقبه انشاء عام 1906 مكتب خدمة التجنيس الفدرالية والذي كان يضم مكتبين
هما مكتب التجنيس ومكتب الهجرة ([2]).
وتضع بعض الدول مسالة التجنيس من ضمن
ستراتيجيتها لاسباب عديدة مثل منح الجنسية مقابل الاستثمارات مثل مايحصل انتيغوا وبربودا
ومالطة ([3])او لسد النقص في
الموارد البشرية واستقطاب الكفاءات وتضع بعض الدول شروطا اخرى مثل تعلم اللغة وحسن
السيرة ودفع رسوم معينة وسنوات اقامة تبلغ بالمتوسط 7 سنوات .
وقد برزت هذه
الظاهرة بشكل كبير ولافت نتيجة للاوضاع السياسية والاقتصادية غير المستقرة في
انحاء عديدة من العالم فقد جنست تنزانيا اكثر من 170000لاجئ بوروندي منذ عام 2007
ومنحت المانيا 168.545. جنسية لأشخاص من 171 جنسية مختلفة اغلبهم من العراقيين
والسوريين .
وعلى الرغم من
الفائدة لكلا الطرفين الا ان عملية التجنيس لاتخلوا من انعكاسات جيوسياسية كونها
تؤدي الى تغيير ديمغرافي في البلد المستقطب للمجنسين كونهم يحملون ثقافات وديانات
وعادات وتركيب انثربولوجي يختلف عن السكان الاصليين مما يعني تكوين جماعات جديدة داخل المجتمع ومن
الامثلة على ذلك هو الحركات والرقصات التي يؤديها الرياضيين اثناء الاحتفالات
بالفوز والتي يعود اصل بعضها الى مجتمعاتهم الاصلية او ديانتهم مثل الرقصات
الافريقية او السجود .
ونتيجة لتزايد اعداد المسلمين في فرنسا فقد
زادت اعداد المحجبات بالمدارس والجامعات فقد اضطرت الحكومة الفرنسية الى منع
ارتداء الحجاب في المدارس منذ عام 2004 نتيجة لتزايد اعداد المسلمين مما ادى الى
حدوث لغط داخل المجتمع الفرنسي وصل الى حدوث حالة جدال بين اليمين المتطرف الرافض للحجاب واليسار
الذي يرى فيه انتهاكا للحقوق المدنية([4]).
فضلا عن ذلك فان
المجنسين يساهمون في بعض التحويلات المالية لذويهم واقاربهم خارج بلد الاقامة مما
يعني تدفق الاموال خارج البلد بصورة شرعية .
([1]) -ينظر شاكر مجيد ناصر
الشطري،قاموس العميد للمصطلحات الطبعة الثانية ،دار الجواهري بغداد،شارع
المتنبي .
.- وتعني طلب الشخص العودة الى
جنسية معينة فقدها في وقت معين لاسباب قانونية كان تسترد زوجة جنسيتها الاصلية بعد
ان فقدتها بسبب زواجها باجنبي على اثر انتهاء الزواج او بعد زوال نظام سياسي او
مطالبة الابناء بجنسيتة ابائهم الاصلية بعد ان تنازل عنها.
([2]) - Marian L. Smith, USCIS, and Claire Prechtel-Kluskens,
NARA, Research Guide to Selected Bureau of aturalization.