أخبار الإنترنت
recent

جغرافية الانتخابات الاتجاهات والمدرسة الفكرية


الاستاذ الدكتور فراس عبد الجبار الربيعي

       ظهرت جغرافية الانتخابات في وقت مبكر من القرن العشرين و يعتبر سيجفريد اول من  تناول موضوع الانتخابات في اقليم أردشي في فرنسا سنة 1913،  وقد ساعد تطور كلا من وسائل الاعلام والمنهج السلوكي والاسلوب الكمي في تطور هذا الفرع المهم من الجغرافية السياسية بل يمكن الان القول انها اصبحت فرعا مستقلا من حيث مناهجه وادواته.

 وبدأت جغرافية الانتخابات تأخذ حيزا من الدراسات الاكاديمية كنتيجة لتطور التجارب الانتخابية في العالم  من حيث التحليل والاحصاء والعوامل الجغرافية المؤثرة ، وفي الحقيقة فان جغرافية الانتخابات في جزء منها تمثل توجهات الجغرافية السياسية الى علم الاجتماع كونها تعتمد على دراسة سلوك الفرد الذي يخضع بدوره لضوابط مجتمعية تَطَبعَ عليها جمهور الناخبين والتي تساهم بدورها في رسم الخريطة الانتخابية ،  فلا يمكن أن تكون سلوكيات الناخب متساوية بين المجتمعات فهناك المجتمع القبلي والمجتمع المتمدن والمجتمع الغني والمجتمع الفقير والمجتمع الرأسمالي والمجتمع الاشتراكي وبالتالي لايمكن اغفال النظريات الاجتماعية مثل  النظرية البنيوية لهربرت سبنسر وانصارة والتي اكد فيها ان المجتمع يتكون من اجزاء تكمل احدها الاخر وان اي تغير في احد الاجزاء ينعكس على المجموعة ، او النظرية التفاعلية  لجورج زيميل وجارلس كوولي التي تنظر للحياة الاجتماعية على انها   شبكة معقدة  من التفاعلات بين الانسان والمجتمع والى اخره من النظريات التي تفسر العلاقات الاجتماعية وتؤدي الى  استخلاص النتائج الجغرافية ،اما من حيث المدرسة الفكرية فان جغرافية الانتخابات تنتمي الى (المدرسة الإمكانية (school possibility )  (وهي مدرسة فرنسية تزعمها فيدال دي لابلاش ترى ان الانسان يستجيب لظروف البيئة ولكن لايخضع لها فاختيار مكان وزمان والية الانتخابات يجب ان يتناغم مع  الظروف ولكنه لايخضع لها فالتضاريس مثلا  ليس عائقا امام الانتخابات وليس مبررا لعزوف الناخبين لان المركز الانتخابي يمكن اختيار مكانه حسب الحاجة والكلام نفسه ينطبق على المناخ حيث يمكن اختيار الفصل المناخي الملائم لاجراء الانتخابات  لذا فإن على الباحث في جغرافية الانتخابات عدم ارهاق نفسه في البحث عن العوامل الطبيعية لغرض تبرير مخرجات الانتخابات من حيث المشاركة والعزوف.

    اما الفترات الزمنية الكافية لتحليل الانتخابات جغرافيا فيجب ان لاتقل عن دورتين انتخابيتين لتكون كافية لبيان الحراك الاجتماعي وتغييراته وحسب رايي المتواضع فان دورة انتخابية واحدة لاتكفي وستكون عبارة عن دراسة حاليا لاتوضح التباين المكاني بشكل دقيق،

ويعد المنهج السلوكي من المناهج المهمة في جغرافية الانتخابات اذ انه يعنى بدراسة السلوك الانتخابي للناخبين والمرشحين وهذا المنهج قد تم وضعه من قبل روجركاسبيرن وجوليان منجي عام 1969في كتابهما تركيب الجغرافية السياسية وهو يمثل انعكاس للنظرية السلوكية في علم الاجتماع[1].وويركز المنهج السلوكي في الجغرافية السياسية على دراسة العوامل المكانية من النواحي الطبيعية والبشرية والمكانية والاقتصادية المؤثرة في تشكيل السلوك السياسي للانسان وبهذا فانه يمكن من خلال هذا المنهج تحليل عملية اتخاذ القرار والافكار السياسية والاشكال السياسية والادراك المكاني السياسي والانتماء [2].



محمود توفيق ،منهجية البحث العلمي ،الطبعة الثانية 2018،المكتبة الانجلو مصرية ص69.[1]

[2] -باسم عبد العزيز عمر العثمان ،مناهج البحث الجغرافي ،وتطبيقاتها في الجغرافيا البشرية ،الطبعة الاولى 2009،دار السياب لندن ،دار اليقظة الفكرية سوريا ،ص52.

  



اطبع هذه الصفحة
الاستاذ الدكتور فراس عبد الجبار الربيعي

الاستاذ الدكتور فراس عبد الجبار الربيعي

يتم التشغيل بواسطة Blogger.